amal مشرفة أدارية
عدد المساهمات : 20 تاريخ التسجيل : 11/08/2010
| موضوع: فضل الدعاء فادعوا ربكم الأحد أغسطس 15, 2010 1:35 pm | |
| فضل الدعاء فادعوا ربكم
الحمد لله ذي العرش المجيد،الفعال لما يريد،أحاط بكل شيء علما،وهو على كل شيء شهيد، وما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد،وأشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له هو أقرب إلى عبده من حبل الوريد , وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله أرسله الله تعالى رحمةً للورى بلسان قويم سديد،فنشر النور والهدى,وأنار السبيل بمنارات التوحيد،صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه،والتابعين ومن تبعهم بإحسان من صالح العبيد،وسلم تسليما كثيرا إلى يوم يتنعم فيه المؤمنون في جنات الخلد," لَهُمْ مَّا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ",ويصلى الكفار ناراً تلظى,تنادي هل من مزيدٍ هل من مزيد،-أعاذنا الله وإياكم من النار -،أما بعد ،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,
أحبتي في الله ,بادئ ذي بدءٍ أوصيكم ونفسي بتقوى العزيز الحميد،فإنها رأس كل شيء،وهي المنجية من العذاب الشديد، وهي حادية الأرواح إلى جنات الخلود.وبعد،
إخوتي في الله،إن التضرع إلى الله تعالى يعد من أجل القربات,وأفضل الطاعات لرب البريات،فقد جاء فيه الآيات الكثيرات, والآثار والأحاديث البارزات،ولقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم يردد كثير، قوله :"يا حيُّ يا قيوم،برحمتك أستغيث،أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عينٍ"وهو الذي غُفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر،
وإذا رجعنا إلى المعنى اللغوي للتضرع لوجدناه يدور حول الطلب والمسألة ،بخضوع وذل واستكانة، ومادة ضرع تدل على لينٍ في الشيء، ومن هذا الباب ضرع الشاة، فلو نظرت إلى صغير الحيوان حين يلتقم ثدْي أمِّه، فيلح ويرتفع وينخفض ويجتهد بكل قوته كي يجذب هذا اللبن الذي به حياته لعرفت مدى الإرتباط بين المعنى اللغوي والمعنى الشرعي للتضرع، فالتضرع هو دعاء الله وسؤاله ببذل وخشوع وإظهار للفقر والمسكنة،والإلحاح وتكرار الدعاء طلبا للإجابة وهذه الحالة يحبها ربنا جل وعلا ويرضاها، بل أمر عباده بهافقال عز من قائل:"ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِين"
وفي الحديث الذي رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :".. ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُل يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ يا رَبُّ يا رَبُّ،"فذكر حاله من الذل والخضوع لرب البرية ،والإلحاح عليه في الدعاء ,...الإلحاح،الذي يعبر عن حاجة العبد الشديدة إلى خالقه،ويظهر فقره وفاقته إليه،
قد يغضب البشر إذا ما ألححت عليهم في شيء،لا بل إذا ما كررته على مسامعهم أكثر من مرتين، ولكن رب البرية جل في علاه يفرح بعبده ويحب إلحاحه،:"إن الله يحب العبد الملحاح" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
إلهي ترى حالي ،وفقري،وفاقتي،،، وأنت مناجاتي الخفية تسمع،
أحبتي في الله ،،قد يغفل الكثير عن هذه العبادة الجليلة في وقت الرخاء والنعمة،في حين يلجؤون إليها في وقت البلاء و الشدة، جميل أن يعرف العبد في وقت الشدة أن له ربا يكشف الهم ويزيل الكرب،ولكن من المفروض ألا يغفل العبد عن هذا وقت الرخاء: روى ابن عباس-رضي الله عنهما-:" تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة" رواه احمد،،.واذكره في سعة يذكرك في ضيق، قال تعالى:" فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَاعَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ " هؤلاء قوم أنعم الله عليه فنسوا خالقهم وبارءهم،فكان جزاؤهم بما نسوا أنهم أخذوا بغتتة،وقطع دابرهم،
وفي المقابل،قال تعالى عن قوم آخرين :" فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ "إنهم قوم يونس،تضرعوا إلى خالقهم فكشف عنهم الضر والبلاء،قال بعض المفسرين ]خرجوا إلى الطرقات واصطحبوا نساءهم وأطفالهم ودوابهم ودعوا وجأروا إلى الله، وقيل : إنهم ظلوا على هذه الحالة أياما يدعون ويستغيثون ويتضرعون ويبكون فكشف الله عنهم عذاب الدنيا منةً منه وفضلا]،،
إلــهي،ما أشد رأفتك بعبادك،تُطاع فتشكر،وتُعصى فتغفر،وتُدعى فتسجيب وإنك من داعيك لقريب"وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ"،فتكشف البلاء وترفع التثريب،
وأنت مناجاتي الخفيـّة تسمعُ
أحبتي في الله،أنظروا إلى حال نبيكم،سيد المتضرعين،وإمام العابدين،وقدوة المتقين،كانت حياته عليه الصلاة والسلام كلها لله رب العالمين،عُرضت عليه الدنيا فأبى،عرض عليه ربه أن يجعل له بطحاء مكة ذهبا فقال بأبي هو وأمي:" لا يا رب، ولكن أشبع يوما،وأجوع يوما، فإذا جعت تضرعت إليك وذكرتك، وإذا شبعت شكرتك وحمدتك." حاله :إلهي وسيدي،إليك لدى الإعسار واليسر أفزع،
وقد رأيناه صلى الله عليه وسلم في كل أحواله متضرعاً خاشعا،لربه تبارك وتعالى متذللا خاضعا.ففي الإستسقاء خرج صلى الله عليه وسلم متبذلا متواضعا متضرعا حتى أتى المصلى فلم يزل في الدعاء والتضرع والتكبير وصلى ركعتين كما كان يصلي في العيد، وفي رمي الجمار أيام التشريق،كان صلى الله عليه وسلم يكبر مع كل حصاة،فإذا رمى الأولى،وقف،دعا ربه وتضرع،وكذا بعد الثانية فِداه روحي ،
ومن منا لا يعرف قصته في غزوة بدر،حتى أشفق أبو بكر رضي الله تعالى عنه من حاله،وكان من دعائه وتضرعه ذلك اليوم في عريشه :"اللهمّ أنشدك عهدك ووعدك، اللهمّ إن شئت لم تُعبد ، اللهم إنهم حفاة فاحملهم ، وعراة فاكسهم ، وجياع فأشبعهم ، وعالة فأغنهم من فضلك ".فقال أبو بكر:" حَسْبُك فإن الله سينجز لك وعده"،،وكان له ذلك،فأنزل الله مددا من السماء قال تعالى :" إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ"
فخرج صلى الله عليه وسلم من العريش وهو يقول : (( سَيُهْزَمُ ٱلْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ)) ، وما رجع أحد منهم يريد أن يركب إلا وجد ظهراً ، للرجل البعير والبعيران ، واكتسى من كان عارياً ، وأصابوا طعاماً من أزوادهم ، وأصابوا فداء الأسارى ، فاغتنى به كل عائل .. وإن رحنا نعدد المرات التي تضرع فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم لربه،لم يكفنا الوقت،ولظلمنا لأننا لن نحصي ذلك ،أبدا،
هذا نبيكم،وهذه أحواله،و آثار تضرعه إلى خالقه ظاهرة،فأين نحن منه، أخي في الله،إني ناصح نفسي وناصحك،عد إلى ربك،ذق طعم التوبة،إرتشف من كأس التضرع، ذق حلاوة الدمعة،إعتصر القلب،وارفع أكف الضراعة لربك متذللا،وقم في جوف الليل متسللا،لسان حالك:
إلهي وخلاقي،وحرزي وموئلي،إليك لدى الإعسار،واليسر أفزع، إلهي لئن جلت ،وجمت خطيــئتي،،فعفوك عن ذنبي أجل واوسع، إلاهي , ترى حالي وفقري وفاقتي،،وأنت مناجاتي الخفيـّة تسمعُ إلاهي , أجرني من عذابك إنني،،أسير ذليل خائفٌ لك أخضعُ إلاهي , أذقني طعمَ عفوِك يوم لا ،،بنونَ ولا مالٌ هنالك ينفعُ إلاهي,ذنوبي جازتِ الطوْدَ وأعتلت،،وصفحُك عن ذنبي أجلّ وأوسعُ
أحبتي في الله،إلى هنا جفت الأقلام،وحارت الكلمات، أرجو من الله تعالى ان أكون قد لامست قلوب المحبين فيكم، وحركت فيها الشوق والحنين إلى دمعة لباريها،تختلس بها مع التضرع في ظلام الليل الدامس، أين ينادي المنادي :"هل من تائب فأتوب عليه،هل من مستغفر فاغفر له، هل من داع فأستجيب له،أنا الملك،أنا الملك،"
رزقني الله وإياكم حبه،والتضرع إليه،والخشية منه،
| |
|